Hot News

2012/09/20

«تعيشوا وتدهنوا»، رد ساخر لجيل رفض أن تطمسوا تاريخه

«تعيشوا وتدهنوا»، رد ساخر لجيل رفض أن تطمسوا تاريخه، فكتبه على جدار شارع محمد محمود - أو شارع «عيون الحرية» كما يطلق عليه الثوار - بعد أن قام موظفو محافظة القاهرة، مدعومين بقوات الشرطة، بإزالة صور الشهداء، التى رسمها فنانو الجرافيتى لتخليد ذكرى شهداء ومصابين فقدوا أغلى ما يملكون خلال الثورة، والفترة الانتقالية التى تبعتها.
وعندما علمتُ بإزالة هذه الرسومات، هرولت لمكان الجدار لأبحث كيف يمكننا إعادة الرسومات للجدار، لتكون شاهدة على جرائم نظام ضد مواطنيه، وبسالة أبطال فقدوا حياتهم ليهبونا حياة كريمة نستحقها! ولم أستغرب عندما وصلت ووجدت العشرات من الشباب الذين وصلوا قبلى للسبب نفسه، وبدأوا بالفعل إعادة الرسومات للجدار. ولعل الرئيس المنتخب ورجال حكومته - بافتراض حسن النية - يرون فى هذا الجدار مجرد رسومات لشباب يهوى أن يرى المارين مهاراته فى الرسم!! أو تسجيل لصور شباب، ضحوا بحياتهم من أجل إسقاط نظام يسعى من يتولون شؤون البلاد الآن لاستكمال مهمته مع تغيير الوجوه فقط. وربما يرون فيه تذكيراً للرئيس المنتخب بوعوده التى قطعها على نفسه بالقصاص للشهداء والمصابين، أو تذكيراً له بأن هؤلاء الشباب ضحوا بحياتهم من أجل ألا يواجه الرأى بالعنف والتنكيل مثلما حدث مع طلاب جامعة النيل، وألا يعتقل ويضطهد ويعذب من يطالب بحقه فى حياة كريمة مثلما حدث مع عمال النقل قبل إزالة الرسومات بأيام.
وفى كل الأحوال، لم يخطر ببال من أصدر الأمر بإزالة الرسومات ماذا يمثل هذا الجدار بالنسبة لجيلنا. فكم حلمت بأن يكبر ابنى قليلاً، لأصطحبه وأعرفه على أوجه أصدقائى الذين فقدناهم، وأحكى له قصة كل منهم، وأوصيه بأن ينقل القصة لأبنائه من بعده. وأعلمه أن النظام المستبد نجح فى قتل هؤلاء الأبطال، لكنه لم ولن ينجح فى أن يمحو ذكراهم من بالنا، وأنهم ضحوا بحياتهم من أجل أن ينعم هو ومن بعده بحياة كريمة. وأذكره أنه، وأبناءه من بعده، مدينون لهذه الوجوه المرسومة على الحائط.
هل كان يقصد من أصدر قرار إزالة الجرافيتى محو ذكراهم، ومنعنا من تداول قصصهم جيلاً بعد جيل؟ هل يظن من فعلوها أنهم سيقابلون بغير ما قوبل به المجلس العسكرى عندما أزال هذه الرسومات ثلاث مرات، وفى كل مرة لم تمض ساعات قليلة إلا وكان الثوار قد أعادوا الرسومات وجددوا الذاكرة؟ ألا يعلم القائمون على الحكم فى بلادنا أن صور الشهداء منحوتة فى قلوبنا، فهل يظنون أنهم قادرون على إزالتها؟
شهداؤنا أحياء ما حيينا، وسنروى حكاياتهم لأبنائنا ليرووها لأبنائهم. وسوف يعيشون حياة أطول من المستبدين. فلا أظن أن أحداً سوف يتذكر مبارك ورجاله، أو أعضاء المجلس العسكرى الذين كانوا مسؤولين عن الفترة الانتقالية، ولا أعضاء البرلمان الذين رفضوا وقف حملاتهم الانتخابية، اعتراضاً على قتل الثوار بشارع محمد محمود، ولا الرئيس المنتخب الذى هاجمت جماعته ثوار وشهداء ومصابى مجلس الوزراء عندما اعترضوا على تشكيل وزارة برئاسة أحد رموز النظام السابق بعد الثورة. لكنهم سيتذكرون مينا دانيال، وعماد عفت، ومحمد محسن، وبهاء السنوسى، وعلاء عبدالهادى، ومحمد مصطفى، ومايكل مسعد، وأبو الحسن إبراهيم، وعاطف الجوهرى، ومئات غيرهم ماتوا لنحيا.
فلم يتوقف التاريخ أمام باتيستا، بينما بقيت ذكرى جيفارا! ولا يعرف الكثير عن بينوشيه، بينما يبقى سيلفادور الليندى حياً فى ذاكرة الأمم!
سيادة الرئيس: شهداؤنا سيظلون أحياء فى عقولنا وقلوبنا وعقول وقلوب أبنائنا، ومحاولات طمس هوياتهم بإزالة رسوماتهم من الجدران ستبوء جميعها بالفشل. ولن تمر ساعة بعد إزالتها إلا وستجدها مرة أخرى فى المكان ذاته، حتى تنتصر ثورتنا، ونقيم لهم تماثيل فى الميادين الرئيسية وأماكن استشهادهم وإصابتهم تمجيداً لذكراهم. سنظل نحن وذكراهم نطاردك، حتى تلبى وعدك الانتخابى بالقصاص من المسؤولين عن قتلهم وإصابتهم. فوفر وقتك وأموال ضرائبنا، التى تنفق على تجريدات محو صورهم، وقدم من قتلهم للمحاكمة، حينها فقط قد نذكر اسمك لأطفالنا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق

" وما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد "

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More